الاثنين، 29 مايو 2017

التذكرة ..بقلم المبدع // محمود مسعود

التذكرة .......!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
 استلمت خطاب التكليف للعمل كملاحظ في امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسي ألفين وسبعة ألفين وثمانية في بلدة القوصية شمال محافظة أسيوط ، كان ذلك قبل بدء الامتحانات فعليا بثمان وأربعين ساعة ، كان يستوجب علي أن أحجز تذكرة في الأتوبيس المتجه للقاهرة ميعاد العاشرة مساءا من يوم غد ، توجهت إلي مكتب الحجز ، سألت عن مكان بالأتوبيس المتجه للقاهرة باكر ، أجابني الموظف أنه بالنسبة للرحلات الصباحية فكلها محجوزة ولا توجد بها أماكن خالية ، وأنه إذا مارغبت فيوجد كرسيا خاليا في ميعاد العاشرة مساءا ، لم يكن هناك بدا من التمسك بهذا الكرسي ودفع ثمنه لأنه لابديل عن ذلك ، دفعت ثمن التذكرة وكانت علي ما أظن بمبلغ ستون جنيها تقريبا ، أخذت التذكرة ووضعتها في الحافظة دون التحقق من تاريخها ، عدت إلي المنزل وطلبت من أم الأولاد تجهيز حقيبة السفر ، فقامت لتفعل ذلك وبين حين وآخر أذكرها بوضع شيئا ما ، وكنت كلما سألتها عن شيء تجيب بأنها وضعته في الحقيبة ، كنت قلقا كعادتي دائما قبل السفر ، أفكر في الأولاد وفي الزوجة والمنزل ، تهاجمني دائما الهواجس فأظل في قلق إلي حين ركوبي أتوبيس السفر ، عادة لا أستطيع منها فكاكا منذ أن تزوجت وصار لي أولاد ، قلق غير مبرر ولكني أعتدت عليه ، خرجت من المنزل قبل ميعاد السفر بحوالي نصف الساعة ، كان الأتوبيس قد امتلأ عن آخره بالركاب ، وبعد أن جلست في المقعد رقم عشرة ورتبت أموري رأيت شخصا يستأذن في الجلوس في مكانه ، كان الكرسي المجاور لي مازال خاليا ، أشرت له بالجلوس عليه ولكنه أصر إصرارا غريبا بضرورة الجلوس علي مقعده وهو رقم عشرة ، يا أستاذ هذا كرسيي !! ولكنه لم يأبه وتعالي صوته حتي أتي مفتش الأتوبيس ليري سبب هذه المعركة الكلامية ، استفسر عن السبب فقلت له بأن الأستاذ يريد الجلوس علي مقعدي وأنا حجزته بالأمس وأخرجت له التذكرة وأعطيته إياها ، نظر المفتش في التذكرة وأخذ يقارنها بأمر الشغل الذي معه فلم يعثر لها علي أي اثر ، نظر إلي التاريخ المدون بها فوجده تاريخ الأمس ، فنظر لي بكل هدوء وقال : أستاذ هذه التذكرة بتاريخ الأمس والمفترض أنك سافرت أمس وليس اليوم ، اندهشت وقلت له : كيف يا أستاذ ؟؟ ، لقد حجزت التذكرة بالأمس لتاريخ اليوم ، فقال لي يبدو أنك نسيت أو شيئا من هذا القبيل ، سألته : ما الحل إذن ؟؟ فقال هناك حلان ، الأول أن تمكن الأستاذ وأشار إليه بإصبعه من الكرسي ، والثاني أن تسرع في شراء تذكرة أخري قبل أن يتحرك الأتوبيس ، نزلت من الأتوبيس مهرولا تجاه مكتب الحجز وقابلت الشخص الذي حجز لي بالأمس وواجهته أمام المفتش فقال : لقد طلبت مني أن أحجز لك في أتوبيس الأمس وها أنا قد فعلت ولم تذكر اليوم ، فقلت له : أتقسم علي ذلك ، فقال أقسم بأنك طلبت التذكرة ليوم أمس وليس اليوم ، كنت في منتهي الضيق والتوتر ، وكادت الأمور تخرج عن السيطرة ولابد لي من السفر وليس أمامي بديلا غير دفع ثمن تذكرة جديدة وإلا سيفوتني الأتوبيس وليس بعده ميعاد آخر فهو أخر موعد لتحرك أخر أتوبيس من المحطة وقد كان بعد أن حوقلت واحتسبت لهذا الإهمال الذي أشارك فيه بالقطع ، ماحدث بالأمس أنني وصلت إلي محطة الأتوبيس وكان موعد قيام أتوبيس الساعة العاشرة قد حان والمكتب يغص بالمسافرين والذين يحجزون التذاكر لنفس الموعد وحينما طلبت من موظف التذاكر تذكرة في ميعاد الساعة العاشرة مساءا ظن أنني أريد السفر في هذا الموعد الذي سيقوم بعد دقائق وعلي هذا الأساس كانت الغلطة وأنني لم أدقق في تاريخ التذكرة التي دفعت ثمنها مرتين . 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / محمود مسعود ( قصة قصيرة ) 29/5/20177م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق