الاثنين، 29 مايو 2017

مولد سيدي القباري ...بقلم المبدع // محمود مسعود

مولد سيدي القباري .....!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسجد الذي يقع في منطقة تسمي أرض الموز بني كمقام للعارف بالله محمد القباري ، هذا الرجل الصالح الذي جاء من المغرب واستقر به المقام في هذه الأنحاء من مدينتي الحبيبة الإسكندرية ، منزلي لا يبعد عنه أكثر من كيلو متر تقريبا سيرا علي الأقدام ، كنت وصديقي متولي دائما ما نسمع عن المولد والاحتفال به كل عام ولم نذهب إليه أبدا بالرغم من قرب المكان ولكن قناعتي بأن مثل هذه الاحتفالات لا طائل من ورائها غير مضيعة الوقت وأن مانسمعه عن تلك الاحتفالات والتجاوزات التي تحدث بها ما جعلني أحجم عن مشاهدتها أو المشاركة فيها بأي صورة من الصور ، كنا في فصل الصيف ، والجو يدعونا للخروج من المنازل والتنزه في أي مكان حدائق عامة أو علي شاطئ الكورنيش هذا المكان الساحر والذي يجذب إليه العديد من المصطافين أو أهل البلد ، ويصادف أن يكون الاحتفالات بمولد سيدي القباري في هذه الأيام ، اقترح علي صديقي متولي للذهاب إلي المولد كنوع من التغيير وفي نفس الوقت التعرف علي هذه الاحتفالات عن قرب وبعد إلحاح وإصرار من صديقي توجهنا إلي هناك ، كان الوقت بعد صلاة العشاء ، المكان أشبه بخلية نحل من الزحام ، أناس من مختلف الأعمار شباب وشابات وشيوخ وعجائز ، الطريق المؤدي إلي المسجد أو مكان الاحتفال مغلق تماما أمام حركة السيارات التي تريد الوصول إلي الطريق السريع للسفر لأنه قريب جدا من المسجد ، شوادر المريدين علي طول الطريق ، أشكال لأناس غريبة متواجدة في كل أنحاء المكان ، أصوات الأغاني الصوفية والتواشيح تسمع من بعد ، أماكن التسالي واللهو تحتل نصيب وافر من المكان ، مراجيح ، عربات الرماية ، خيول تركب بالأجر ، عربات تحدي القوة ،عالم غريب وعجيب في نفس الوقت ، حتي أنه يوجد أماكن للبيع والشراء ( ألعاب الأطفال ، الملابس ، الإكسسوارات النسائية ) مجتمع متكامل علي شرف المولد يقام ، لاحظت أيضا الكم الهائل من الأراجيل التي يدخنون عليها دخان المعسل ، أواني ضخمة جدا لغرض طهي الأطعمة والتي دائما ما تكون من التبرعات التي تدفع من المريدين لهذا الشيخ الجليل ، نساء يبدون من مظهرهن أنهن إما غوازي أو من الغجر ، ظللت أسير أنا وصديقي متولي في تلك المتاهات البشرية والتي لم أري مثلها من قبل ، حتي وصلنا إلي بوابة المسجد والتي كانت مغلقة ، لم أسأل ولم يدهشني الأمر ، سألني صديقي : هل لك في الرماية ؟؟ قلت له بفخر أنا دائما ما كنت الأول في الرماية عندما كنت في الجيش ، فتحداني وقبلت التحدي ، كانت تقف أما بوابة المسجد في الناحية المقابلة لها من الطريق أحدي عربات الرماية ، كان التحدي من يخسر الرماية يقوم بدفع الثمن ولم يكن ثمنا مرتفعا كان لا يتخطي الجنيه ، سحبت إحدى البندقيات وكانت الجائزة لمن يسدد كل الرميات دبدوب شكله جميل وهذا ما زاد الحماس لدي ، وأثناء التسديد شعرت بكوكبة من الشباب قد أحاطوا العربة بفضول لمشاهدة الرميات ،حتي أنني من زحامهم واندفاعهم وجدت نفسي قد التصقت بالمنضدة التي توضع عليها البنادق الخاصة بالرماية ، لم أهتم بذلك الأمر كثيرا وظللت محافظا علي تركيزي في الرماية ، سددت كل الرميات بنجاح باهر وتسلمت من صاحب العربة هذا الدبدوب وكنت في غاية السعادة أما زميلي متولي فقد سدد كل رمياته ماعدا واحدة فقام بدفع الثمن ، كانت عربات حمص الشام تنبعث منها الروائح التي تثير الجوع فتوجهنا إلي إحداهما وطلبنا كوبين من هذا الحمص اللذيذ ، بعدما تناولنا الكوبين أقسمت علي زميلي أني سأقوم بدفع الحساب وبعد إلحاح مني وإصرار وافق ، هممت بإخراج حافظة النقود ، وضعت يدي في جيب البنطلون الخلفي والذي يأوي الحافظة فاصطدمت يدي بالفراغ ، حاولت عبثا في جميع الجيوب التي تحتويها ملابسي فباءت محاولاتي بالفشل الذريع ، سألني متولي : ما الأمر ؟؟ قلت : لا أجد الحافظة فقال ابحث عنها جيدا ، وقفت أمامه قائلا : ابحث أنت بدلا مني فمن الجائز أنها موجودة ولا أراها ، بعد جهد باء بالفشل استسلمت للواقع المرير لقد سرقت حافظتي وبها ما بها من نقود، وقام متولي بدفع الحساب وأنا في غاية الأسف والإحراج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / محمود مسعود ( قصة قصيرة ) 29/5/2017م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق