الجمعة، 30 ديسمبر 2016

اخبرني ابي . بقلم المبدع // د.عبد المجيد المحمود

أخبرني أبي
عندما كنت بحرًا...لم يكنْ للنَّوارسِ أجنحة
و لم يكنْ هناكَ شواطئُ...
أرتاحُ فيها من سفري الدائمِ
و كلَّما هرمَتْ غيمةٌ على أبوابِ الخريفِ
حملتُ من قلبي عناقيدَ حبٍّ لها
و طوَّقْتُ جيدَها الأسمرَ
ثمَّ أهديتُها قبلةَ الحياة
يا قصيدةَ الأسماكِ..يا لوحةَ المرجانِ
ألمْ تكوني ذاتَ يومٍ نكرة...
ثمَّ مدَدْتُ يديَّ إلى قلبِكِ الغافي
على حِفافِ الوجع..فارتَدَّتِ الفرحةُ
في أطرافكِ التي...
لم تزلْ إلى الآنَ ترقصُ في غاباتِ روحيَ التَّائهة
عندما كنتُ بحرًا..تكسَّرَتْ أشعةُ الشَّمسِ
فوقَ جدائلي الزرقاءَ...
و غاصَ في أحشائيَ القمرُ العليلُ...
و أنجبَتْ فرحتي بالحياةِ تلكَ السفنَ الضئيلةَ
كي تداعبَ صفحةَ وجهيَ الهاربِ...
منْ برودةِ الأعماقِ و ظلامِها السَّحيق...
و بقيتُ هناكَ طويلًا..طويلا
لم يكنْ ليَ ظلٌّ...
لم تكنْ لي مظلَّةٌ تقيني تقيُّؤَ الشَّمسِ
لهيبَ الهجيرة..
لم تكنْ ليَ جدرانُ أُدفِّيءُ فيها ضلوعي
من ثلوجِ كانونَ..
و لم أحظَ يومًا بتلكَ السَّماءِ البتولِ
و لم تخطُ فوقَ دروبي عرائسُ النَّخيلِ
عندما كنتُ بحرًا ضاقتْ بيَ الحالُ
هرمتُ فأضحيتُ عندَ الغروبِ
مجرَّدَ نهرٍ صغيرٍ...
يعيشُ و يقتاتُ لحومَ الذَّاكرة
...............................................
 د.عبد المجيد المحمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق