الخميس، 26 أبريل 2018

قصة من الخيال . بقلم المبدع // محفوظ البراموني


قصة من الخيال !!
و
واقعية من المحال !!

منذ سنوات قاربت من ال 25عام ..
قرأت رواية ل كاتب روسي ..
لا أتذكر إسمها و لكن أتذكر جيدا أحداثها ..
لا أدري تذكرتها ب الأمس ..
و س أروي ملخصها ف سطور ..
بعد مرور هذه الأعوام ع قرأتها .. 
ب قلم و حروف برامونية ..

رجل ف العقد الرابع من عمر حياته ..

ماتت زوجته و أولاده الصغار ف حادثة قطار ..
كانت أسرته ف زيارة ل أهلهم ..
عندما ذهب لهم ف موعد رجوعهم ل إستقبالهم ..
لم يعودوا ب سبب حادثة ل القطار أدت ل إنقلابه ..
و وفاة كل الركاب ..

حزن عليهم حزنا شديدا و عاش ب دونهم ..
تعيسا .. وحيدا .. شاردا ..
زاهدا .. تائها .. ضائعا ..

ف يوم من الأيام دعاه صديقه الوحيد ..
و يعمل محاميا ..
ل حضور جلسة ف المحكمة ..
ل قضية كانت مشهورة و رأي عام ..
عندما سمع بعد نهاية المرافعة ..
نطق الحكم ع المتهم ب الإعدام ..

إستغرب من هذا الحكم ..
و قال ل صديقه لماذا إعدام ؟؟
لماذا لا يحكم عليه ب السجن ؟؟
و بعد إنقضاء المدة يبداء حياة جديدة ..

تبادل الحوار و المناقشة و الجدال مع صديقه ..
و كانت وجه نظره المتشبث بها ..
أن السجن مهما طالت سنواته ..
أفضل من الإعدام ..

حضرت ف ذهنه فكرة من الخيال ..
ل يثبت لمن حوليه ان السجن مهما طال دائما ..
الأفضل من الإعدام و لو كان أثقل ف الأحمال ..
طلب من صديقه أن يبنى له سجنا مشابها ..
ل السجن العمومي له نفس المواصفات و الشروط ..
و كتب ل صديقه إقرار إنه س يسكن هذا السجن ..
ل مده 15 عام لا يرى فيها الشمس ..
و يثبت ل الناس ف الولاية الذي يقطنها ..
نجاح وجهه نظره ..
و إن خرج قبل المدة ل عدم قدرته ع الإحتمال ..
يتنازل عن كل أملاكه ..
ل صالح الجمعيات الأهلية ..
ل اليتامى و ذوى الاحتياجات الخاصة ..

قرأ كل القواعد و الشروط و الأحكام ف السجن..
بدأت رحلة السجن ..
دخل الزنزانه ..
عين له حارس خاص ل يقوم ب خدمته ..
و ك أنه سجين و مجرم ..
يقوم ب كل واجباته ف السجن ..
ينظف .. يغسل .. .. .. الخ ..

مرت أول سنه لا مشاكل فيها ..
سوى إنها مرت ب صعوبة بعض الشيء ..
و أصبحت تمر باقى السنوات الأولى ..
مرورا قاسية و الوحدة ف الزنزانة كانت أشد قسوة ..
مع إنه يمارس هوياته ..
يقراء .. يرسم .. يكتب .. يعزف ..

كان صديقه الوحيد ..
يزوره كل أسبوعين مرة واحدة..
كما هي الشروط و الأحكام ف السجون الأخرى ..

صارت صداقة قوية بينه و بين الحارس ..
أصبح هو كل شىء له و كاتم أسراره ..

مات الحارس ..
حزن عليه حزنا يفوق حمل جبال ..
و مرض مرضا شديدا و الشفاء منه محال ..
حضر صديقه يطلب منه ب إلحاح ..
أن يخرج و يلغى هذه العبثية و يعيش مرتاح ..
و يلغي هذه الفكرة التى س تقتله ب دون سلاح ..
رفض ب شده و قال له ..
أنا ليس لى أحد بعد وفاة ما لدى من أجمل الناس ..
أنا هنا أو هناك ميت و ب دون إحساس ..

إن مت التنازل عن املاكي معك و نفذ وصيتي ..
و إن عشت س اقوم أنا ب الأعمال الخيرية ..
أريد إثبات نجاح نظريتي ..

تم تعين حارس أخر و دكتور يلازمه ..

كان صديقه ف كل زيارة ..
كانا يتحادثا و يتبادلا أخبار الولاية و أحداثها المتنوعة ..
ب موت فلان ..
ب مرض فلان ..
ب زواج فلان ..
أحداث و أحداث ب كل أشكالها ..

كانت شروط السجن صارمة ..
لا تعطيه الحق ب الخروج ..
ل العزاء ل صديقه الفقيد ..
او الزيارة ل صديقه المريض ..
حتى حضور حفل الزواج ..

مرت السنوات و إختفى عنفوان الشباب ..
و سرحت الشيخوخة ف أحشائه و أعضائه ..
و كان يتحمل و يتحامل ..
حتى يثبت نجاح نظرته البائسة العابسة ..

إنتهت المدة المقررة ل سجنه ..
إنتهت فترة الحكم ع ذاته و ب ذاته هو ..

خرج الشاب من وراء القضبان ..
عجوزا ك خيالا من السراب ..
كان لا يستطيع ب يده فتح الباب ..
يسند ع صديقه و بصحبته عصاته .
و ينظر ل السماء و أطال النظر ل الشمس ..
الذي لم يرى شعاعها منذ 15 عام ..

ذهب ل بيته وحيدا ..
كل حاشيته رحلوا و هو ف السجن ..
وفاة ..
الخادمه ..
عامل الحديقة ..
مديرة المنزل ..
الطباخ ..

جلس ع كرسيه ..

أخرج ورقة ..
كتب فيها ..
ب يد مرتعشة ..

كنت غصن أخضر ..
ف أصبحت ..
غصن يابس عابس ..
ف أنهيت ..
عمري ب عمري ..
ف فقدت ..
كل أوقاتي و أملي ..
ف مرضت ..
و عشت مع جروحي و آلمي ..
ف سقطت ..
ب كامل إرادتي ..
و عنادي و شدتي ..
يا ليتني ما فعلت ..
و لكنى فعلت ..
ف إنتهيت ..

سقط من كرسيه ..
مات و ضاعت سنواته من حوله ..

كل ثروته تم التبرع بها بناء ع وصيته ..
ل جمعيات اليتامى و العلاج ..
و ل مصلحة السجون ل تعديل أوضاعها ..

كتب صديقه الوحيد المحامي ع قبره ..

هذا مدفن ..
السجين ب أمر عقله المسكين ..

هذيان قلم : 
: محفوظ البراموني :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق