الاثنين، 6 أغسطس 2018

وقفة : في الاوراس . بقلم المبدع // هارون قراوة

وقفة : في الاوراس مهداة الى:
- الحنجرة الذهبية التي أسمعتني هذ ا المقطع المؤثر.

على مشارف الأوراس الرهيب ، تتثاءب المدينة
متعبة بهمومها وزخم تاريخها ، وتتمطى وسنانة ، لتغفو باكرا بين الروابي التي يغمرها الضباب ، وتصفعها الرياح المتوحشة........ 
في هذه الاجواء المفعمة بالسكون والسكينة : يزهر 
الأمل أمام المواقد ، ودفء البيوت ، ولكن هناك على طرف المدينة ومن بيت خشبيي : يتعالى صوت دافئ ، شجي يحمل في ثناياه حزنا ولوعة ، وبين أعطافه وهنا وانكسارا....... 
صوت يئز تحت سطوة الألم ، ويخفي تحت قوادمه :
حرارة الشوق ، ولوعة الحنين...... 
صوت أنثى ساحر ، يلتحف الوجع ، ويتعثر بين الآهات والأنين.... 
صوت يتسرب روحا بين الأزقة الموحلة ، ويعبر الآذان المتحفزة : عبق ذكريات توقظ قلوبا حانية على قصص الفراق...وأمل التلاقي. 
ويخيم الصمت أكثر ، ويتسامى الصوت اعلى ، صداه :« ....يا السَّارِي عُقْب اللِّيل .... يا الْماشي غير : رَيِّضْ ، ريض .
تعلَالِي بالوصالْ.....يا حبيبي راه قلبِي مْرَيَّضْ .»
ويتواصل البوح الصادح باللوعة والترجي ، فيدفعني الفضول للإقتراب من مصدر الصوت ، والتعرف على صاحبته التي لمحت طيفها متكئا على حافة النافذة المفتوحة ، وبصرها شاخص للبعيد في هذا الليل البليد....... وبادرتها متهيبا :« أأنت مريضة - يا سيدتي؟ » أجابت بصوت مغلف بالفتور... دون ان تلتفت نحوي ، وقالت :« ...لا...... أيها الغريب..... 
ولكنني....... » وفهمت قصدها ، فقلت : « وما بال هذا الذي سرى ليلا ؟ » فردت :« نحن نعشق سراة الليل..... نعشق رجالا يهابهم الأوراس... ولكنهم إذا احبوا : يحملون أرواحهم فوق أكفهم ، وأكفانهم فوق صهوات جيادهم .....ويسرون »
قالت هذا ، وامتدت يدها تغلق النافذة..... يد مرتعشة
لمحتها تقبض بالحاح على منديل : لم ادر أكان تذكارا
أم ببساطة ،كانت تكفكف به دموعها....... 
انكفأت على نفسي عائدا.... أكاد انفجر ، بينما صورة الرجال الذين يسرون ليلا تتسامى في مخيلتي ، وصدى صوت العاشقة : يفترس مسامعي ، ويعبث
بدفاتر ذكرياتي : «....يا الساري عقب الليييل ، يا الماشي غير ريض..... ريض. 
تعال لي بالوصال ، يا حبيبي راه قلبي مريض.......» .
Haroune.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق