آسف كان نفسي ....!!
ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
أحمد ذلك الطالب الجامعي الذي كان يعمل كل جهده للمرور من عنق الزجاجة كما كان يطلق علي الفترة التي يعيشها علي مضض ولكن ليس بيديه حيلة ، التحق بكلية الآداب تلك الكلية التي كتبها كرغبة أولي بعد أن تلقي صدمة قوية ملخصها أنه وعقب النجاح في الثانوية العامة ، توجه إلي عمه ليبشره بنجاحه بمجموع يتخطي الخمس وسبعون في المائة ، فقد كان عمه يعمل في البوليس ، وقد وعده بأنه سيسعي لإدخاله كلية الشرطة عقب حصوله علي الثانوية العامة بحكم عمله ومعرفته برتب كبيرة ستسهل له الالتحاق بهذه الكلية ، لكن عمه راوغ وصارحه بالوضع بأنه للالتحاق بهذه الكلية ينبغي دفع الرشاوى والتي لا تقل بأي حال من الأحوال عن ثلاثين ألف جنيه في ذلك الوقت ، وأني له بهذا المبلغ والوضع علي قد الحال ، شعر أحمد بآماله وقد تبخرت في ثوان معدودة ، وأن وعود عمه التي سبق وقطعها علي نفسه ما كانت إلا مسكنات أو كنوع من التشجيع علي التفوق ، كان معه في هذه المقابلة أخيه الأوحد عبده والذي يكبره بسنوات كثيرة ، أخذ يشجعه ويبعث في نفسه الأمل بأنه لو اضطر لبيع عفش منزله سوف يعمل بكل جهده لإلحاق شقيقه بتلك الكلية ،استطاع أحمد أن يشتري دوسيه التقدم لكلية الشرطة من مديرية أمن الإسكندرية والكائنة بشارع عبد المنعم بمبلغ ثمانية جنيهات ، كان لزاما عليه تدوين البيانات الواردة بالملف بكل دقة ، وعليه أن يدون معلومات تخص الأقارب حتى الدرجة الرابعة ، لقد اضطر ليكمل هذه البيانات من زيارة جميع أقاربه تقريبا ، الأعمام والأخوال والعمات والخالات وجميع أبنائهم ، استمر لمدة أسبوع وهو يتردد علي أقاربه من جميع الدرجات حتى انتهي من إعداد الملف ، كان اليوم يوم جمعة ، وفي تمام الساعة الحادية عشرة مساءا توجه أحمد وأخيه عبده ومعهم اثنان من زملاء الدراسة وهما عبد العظيم مجاهد ، وعلي بصل إلي محطة القطار ليستقلوا جميعهم القطار القشاش والذي ينطلق في هذا التوقيت ويستمر بالمرور علي النجوع والكفور والمحافظات المختلفة ببطء شديد ليصل القاهرة في السابعة صباحا ، وكان الهدف من ركوبه مقصود حتى يصلوا إلي وجهتهم في الوقت المحدد وهي أكاديمية الشرطة والكائنة في العباسية بمصر الجديدة ، كان قطارا مملا ، حتى أن زبائنه لا يتمتعون باللياقة أو حتى حسن الأدب ، وأنت جالس علي الكرسي الخشب المميز لهذا القطار وعند وقوفه في المحطات المختلفة تجد فجأة من داس علي كتفك ليصعد إلي الشبكة التي تعلو الكراسي ودون حتى كلمة اعتذار ، أو تتفاجيء بمقطف ضخم وقد قذف في وجهك دون أن تعلم من الفاعل من الزحام وكم من معارك دارت بسبب هذه التصرفات اللا آدمية ، وكم تلقي هذا القطار من الشتائم والسباب واللعنات أحيانا وذلك لأن كل القطارات التي كانت في محطة مصر بالإسكندرية أو في المخازن قد سبقتهم إلي القاهرة ، فقد كان كثيرا ما يخزن أحيانا بالساعة ليمرر القطار القادم خلفه وهم يتحسرون علي ذلك ، وصلوا القاهرة في تمام الثامنة متأخرين عن موعدهم حوالي ساعة ، هبطوا من القطار وكان يتوجب عليهم ركوب القطار الداخلي من القاهرة إلي مصر الجديدة وهو قطار الزيتون ، أخذوا يجرون في ردهات محطة رمسيس ليلحقوا بالقطار الذي بدأ في التحرك ، استطاعوا أن يقفزوا فيه وهو يتحرك بالفعل ، سألوا كمساري القطار عن محطة كلية الشرطة ، فقال لهم لابد أن ينزلوا في محطة حلمية الزيتون ، ولم يأخذ منهم ثمن التذاكر إكراما لأخو أحمد الذي يعمل في هيئة النقل العام بالإسكندرية كزميل له في مصلحة واحدة ألا وهي وزارة النقل ، شكروه علي ذلك ، في حلمية الزيتون تفرقوا ، حيث توجه علي بصل مع أخيه إبراهيم إلي حي النزهة الذي توجد به الكلية الحربية لأنه أي علي يريد الالتحاق بها عكس أحمد وعبد العظيم اللذان يريدان الالتحاق بكلية الشرطة ، وصل أحمد وعبد العظيم وعبده إلي مقر أكاديمية الشرطة ، نال الإبهار وجمال المكان من لب كلا من أحمد وعبد العظيم وتمنا أن يكونا ضمن طلابها ، مكان يأخذ بالألباب فعلا من حيث النظام والنظافة وجمال المباني ، ظلوا يسيرون داخل الكلية ، لم يكن هناك أي إرشادات مكتوبة تدلهم علي وجهتهم داخلها ، وكأن المكان مدينة أشباح !! وأثناء سيرهم أوقفهم شخص ضخم الجثة ، سائلا إياهم بصوت غليظ : علي فين يابهوات ؟؟ رد عبده أخو أحمد : رايحين نقدم لأخي وصديقه في الكلية ، نظر هذا الشخص إليهم نظرة لم تفارق مخيلة أحمد حتى الآن ، وأعاد إجابة عبده بسخرية واضحة : رايح تقدم لأخوك وصديقه في الكلية ؟؟ أجاب عبده بتلقائية شديدة تنم عن طيبة حقيقية : نعم ، وضع الشخص الضخم الجثة يده علي كتفي عبده وأخذه جانبا كأنه صديقه ودار بينهم حديث لم يسمعه أحمد أو عبد العظيم وكأنه يقول له سر دفين ، وشاهدا عبده وهو يومئ برأسه ، دقائق قليلة مرت علي هذا المشهد ، عاد عبده إليهما وهو يهز في رأسه علامة عدم الرضا وقال لهما : يبدو أننا ليس لنا نصيب في هذه الكلية ياشباب ، بلع أحمد ريقه بصعوبة وهو يسأل أخيه : لماذا ؟؟ فقال عبده : نحتاج لمبلغ من المال كما أخبرني هذا الصول الذي يعمل في الكلية وللأسف هذا المبلغ ليس في استطاعتنا ونظر عبده في عيني أحمد وهو يقول بحسرة : والله يا أخي طلبت من هذا الصول عمل محاولة والتقدم بأوراقنا ، فقال لي صدقني لن يلتفت أحد إلي أوراقكم وسيكون مصيرها سله الزبالة ، أنا آسف كان نفسي أحققلك حلمك بس أنت شايف وداري بأحوالنا يظهر كلام عمك صحيح يا أحمد !! الراجل يقول مش أقل من ثلاثين ألف جنيه ندفعهم عشان تستطيع الالتحاق بهذه الكلية وأنا والله يا أخي لوبعت عفش منزلي لن يزيد عن ألفين من الجنيهات في أحسن الأحوال ، المهم في حديث الرجل معي أخبرني بضرورة الإسراع وتقديم أوراقك للتنسيق الجامعي حتى لا تضيع فرصتك في التعليم المدني ، وكما هو واضح التنسيق يستمر أيام معدودة غدا أو بعد غد كمرحلة أولي ، استسلم أحمد وعبد العظيم للظروف القاهرة التي حالت دون التحاقهما بكلية الشرطة وأذعنا للتقديم في التنسيق المدني للكليات المدنية وقد كان ، فقد جاءت الرغبة الأولي التي دونها أحمد بكلية الآداب بينما عبد العظيم جاءته الرغبة الأولي التي دونها كلية الحقوق ، وعلما فيما بعد أن علي بصل قد التحق بالكلية الحربية لأن والده كان ضابطا بالبحرية وأخيه طالب في السنة الرابعة من الكلية الحربية وكان هذا آخر عهده بعلي حيث انقطعت أخباره تماما ، بينما صداقته بعبد العظيم ظلت مستمرة حتى الآن .
ــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / محمود مسعود ( قصة قصيرة ) 19/5/2017م
ــــــــــــــــــــــــــ
أحمد ذلك الطالب الجامعي الذي كان يعمل كل جهده للمرور من عنق الزجاجة كما كان يطلق علي الفترة التي يعيشها علي مضض ولكن ليس بيديه حيلة ، التحق بكلية الآداب تلك الكلية التي كتبها كرغبة أولي بعد أن تلقي صدمة قوية ملخصها أنه وعقب النجاح في الثانوية العامة ، توجه إلي عمه ليبشره بنجاحه بمجموع يتخطي الخمس وسبعون في المائة ، فقد كان عمه يعمل في البوليس ، وقد وعده بأنه سيسعي لإدخاله كلية الشرطة عقب حصوله علي الثانوية العامة بحكم عمله ومعرفته برتب كبيرة ستسهل له الالتحاق بهذه الكلية ، لكن عمه راوغ وصارحه بالوضع بأنه للالتحاق بهذه الكلية ينبغي دفع الرشاوى والتي لا تقل بأي حال من الأحوال عن ثلاثين ألف جنيه في ذلك الوقت ، وأني له بهذا المبلغ والوضع علي قد الحال ، شعر أحمد بآماله وقد تبخرت في ثوان معدودة ، وأن وعود عمه التي سبق وقطعها علي نفسه ما كانت إلا مسكنات أو كنوع من التشجيع علي التفوق ، كان معه في هذه المقابلة أخيه الأوحد عبده والذي يكبره بسنوات كثيرة ، أخذ يشجعه ويبعث في نفسه الأمل بأنه لو اضطر لبيع عفش منزله سوف يعمل بكل جهده لإلحاق شقيقه بتلك الكلية ،استطاع أحمد أن يشتري دوسيه التقدم لكلية الشرطة من مديرية أمن الإسكندرية والكائنة بشارع عبد المنعم بمبلغ ثمانية جنيهات ، كان لزاما عليه تدوين البيانات الواردة بالملف بكل دقة ، وعليه أن يدون معلومات تخص الأقارب حتى الدرجة الرابعة ، لقد اضطر ليكمل هذه البيانات من زيارة جميع أقاربه تقريبا ، الأعمام والأخوال والعمات والخالات وجميع أبنائهم ، استمر لمدة أسبوع وهو يتردد علي أقاربه من جميع الدرجات حتى انتهي من إعداد الملف ، كان اليوم يوم جمعة ، وفي تمام الساعة الحادية عشرة مساءا توجه أحمد وأخيه عبده ومعهم اثنان من زملاء الدراسة وهما عبد العظيم مجاهد ، وعلي بصل إلي محطة القطار ليستقلوا جميعهم القطار القشاش والذي ينطلق في هذا التوقيت ويستمر بالمرور علي النجوع والكفور والمحافظات المختلفة ببطء شديد ليصل القاهرة في السابعة صباحا ، وكان الهدف من ركوبه مقصود حتى يصلوا إلي وجهتهم في الوقت المحدد وهي أكاديمية الشرطة والكائنة في العباسية بمصر الجديدة ، كان قطارا مملا ، حتى أن زبائنه لا يتمتعون باللياقة أو حتى حسن الأدب ، وأنت جالس علي الكرسي الخشب المميز لهذا القطار وعند وقوفه في المحطات المختلفة تجد فجأة من داس علي كتفك ليصعد إلي الشبكة التي تعلو الكراسي ودون حتى كلمة اعتذار ، أو تتفاجيء بمقطف ضخم وقد قذف في وجهك دون أن تعلم من الفاعل من الزحام وكم من معارك دارت بسبب هذه التصرفات اللا آدمية ، وكم تلقي هذا القطار من الشتائم والسباب واللعنات أحيانا وذلك لأن كل القطارات التي كانت في محطة مصر بالإسكندرية أو في المخازن قد سبقتهم إلي القاهرة ، فقد كان كثيرا ما يخزن أحيانا بالساعة ليمرر القطار القادم خلفه وهم يتحسرون علي ذلك ، وصلوا القاهرة في تمام الثامنة متأخرين عن موعدهم حوالي ساعة ، هبطوا من القطار وكان يتوجب عليهم ركوب القطار الداخلي من القاهرة إلي مصر الجديدة وهو قطار الزيتون ، أخذوا يجرون في ردهات محطة رمسيس ليلحقوا بالقطار الذي بدأ في التحرك ، استطاعوا أن يقفزوا فيه وهو يتحرك بالفعل ، سألوا كمساري القطار عن محطة كلية الشرطة ، فقال لهم لابد أن ينزلوا في محطة حلمية الزيتون ، ولم يأخذ منهم ثمن التذاكر إكراما لأخو أحمد الذي يعمل في هيئة النقل العام بالإسكندرية كزميل له في مصلحة واحدة ألا وهي وزارة النقل ، شكروه علي ذلك ، في حلمية الزيتون تفرقوا ، حيث توجه علي بصل مع أخيه إبراهيم إلي حي النزهة الذي توجد به الكلية الحربية لأنه أي علي يريد الالتحاق بها عكس أحمد وعبد العظيم اللذان يريدان الالتحاق بكلية الشرطة ، وصل أحمد وعبد العظيم وعبده إلي مقر أكاديمية الشرطة ، نال الإبهار وجمال المكان من لب كلا من أحمد وعبد العظيم وتمنا أن يكونا ضمن طلابها ، مكان يأخذ بالألباب فعلا من حيث النظام والنظافة وجمال المباني ، ظلوا يسيرون داخل الكلية ، لم يكن هناك أي إرشادات مكتوبة تدلهم علي وجهتهم داخلها ، وكأن المكان مدينة أشباح !! وأثناء سيرهم أوقفهم شخص ضخم الجثة ، سائلا إياهم بصوت غليظ : علي فين يابهوات ؟؟ رد عبده أخو أحمد : رايحين نقدم لأخي وصديقه في الكلية ، نظر هذا الشخص إليهم نظرة لم تفارق مخيلة أحمد حتى الآن ، وأعاد إجابة عبده بسخرية واضحة : رايح تقدم لأخوك وصديقه في الكلية ؟؟ أجاب عبده بتلقائية شديدة تنم عن طيبة حقيقية : نعم ، وضع الشخص الضخم الجثة يده علي كتفي عبده وأخذه جانبا كأنه صديقه ودار بينهم حديث لم يسمعه أحمد أو عبد العظيم وكأنه يقول له سر دفين ، وشاهدا عبده وهو يومئ برأسه ، دقائق قليلة مرت علي هذا المشهد ، عاد عبده إليهما وهو يهز في رأسه علامة عدم الرضا وقال لهما : يبدو أننا ليس لنا نصيب في هذه الكلية ياشباب ، بلع أحمد ريقه بصعوبة وهو يسأل أخيه : لماذا ؟؟ فقال عبده : نحتاج لمبلغ من المال كما أخبرني هذا الصول الذي يعمل في الكلية وللأسف هذا المبلغ ليس في استطاعتنا ونظر عبده في عيني أحمد وهو يقول بحسرة : والله يا أخي طلبت من هذا الصول عمل محاولة والتقدم بأوراقنا ، فقال لي صدقني لن يلتفت أحد إلي أوراقكم وسيكون مصيرها سله الزبالة ، أنا آسف كان نفسي أحققلك حلمك بس أنت شايف وداري بأحوالنا يظهر كلام عمك صحيح يا أحمد !! الراجل يقول مش أقل من ثلاثين ألف جنيه ندفعهم عشان تستطيع الالتحاق بهذه الكلية وأنا والله يا أخي لوبعت عفش منزلي لن يزيد عن ألفين من الجنيهات في أحسن الأحوال ، المهم في حديث الرجل معي أخبرني بضرورة الإسراع وتقديم أوراقك للتنسيق الجامعي حتى لا تضيع فرصتك في التعليم المدني ، وكما هو واضح التنسيق يستمر أيام معدودة غدا أو بعد غد كمرحلة أولي ، استسلم أحمد وعبد العظيم للظروف القاهرة التي حالت دون التحاقهما بكلية الشرطة وأذعنا للتقديم في التنسيق المدني للكليات المدنية وقد كان ، فقد جاءت الرغبة الأولي التي دونها أحمد بكلية الآداب بينما عبد العظيم جاءته الرغبة الأولي التي دونها كلية الحقوق ، وعلما فيما بعد أن علي بصل قد التحق بالكلية الحربية لأن والده كان ضابطا بالبحرية وأخيه طالب في السنة الرابعة من الكلية الحربية وكان هذا آخر عهده بعلي حيث انقطعت أخباره تماما ، بينما صداقته بعبد العظيم ظلت مستمرة حتى الآن .
ــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / محمود مسعود ( قصة قصيرة ) 19/5/2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق