الاثنين، 23 يناير 2017

سقوط من السماء...بقلم المبدع // مازن جبان

سقوط من السماء...
استيقظ أبكر من المعتاد...رغم أن النوم جفاه في ليلته تلك.. وأنى لجفنه أن يعرف الوسن ، وهو يدرك أن غده سيكون غير كل ماقد سبق...
لاحت منه التفاتة للمرآة .... توقف مليا... أحس برعشة تسري في جسده...نظر و سرح...بقي نظره شاخصا وعيناه تحدقان في المرآة....
ضابط مهيب...بملابس عسكرية فاخرة....رأسه يطال عنان السماء...يتعالى فوق نجوم ذهبية تلمع على كتفيه...تفوق جمال كل نجوم الكون....
ويزين صدره المنفوخ نياشين ملونة كدرر منثورة على شاطئ رملي فسيح...
بيد أن أجمل ما به تلك القبعة الموشاة بخيوط الذهب..تخفي تحتها معظم الرأس ، حتى لتخالها تاجا لقيصر روماني....
استفاق من ذهوله ، وسرحانه.... أعاد النظر تارة أخرى ، فانقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير.... فما رآه قد ولى إلى غير رجعة... هو منذ اليوم مدني عادي كأي مواطن آخر...لباسه قميص أبيض فضفاض ، وبنطال كما كل الناس.....
غرغرت دمعة في عينيه رغما عنه... فالهيبة والعظمة والأبهة تلاشت ، كضباب لحظة بزوغ شمس صباح...رأسه الذي تربع سنوات طوال فوق النجوم هبط بيوم واحد إلى سطح الأرض....لواقع جديد لم يألفه بعد.... تساءل في قرارة نفسه..أتراها الرحلة ماقبل الأخيرة لباطن الأرض؟؟؟؟
لمح في المرآة شعره الأبيض...لم يكن يعير شيبته كثير اهتمام فقد كانت القبعة تغطي معظم الرأس... أما الصدر فقد أحسه أضحى منكمشا هابطا...كإطار سيارة مثقوب خال من الهواء... فلا نياشين ولا أشرطة ملونة....
غادر منزله للمرة الأولى بلباس مدني...شعر لوهلة أنه يخرج عاريا....
نزل وانتظر...يا له من ساذج ، حدث نفسه ...ما الذي ينتظر؟؟؟..سيارته العسكرية الفاخرة عادت لملاك الجيش... لا أحد ليفتح له اليوم باب السيارة...ولا عسكري ليقطع الطريق ريثما يخرج متفاخرا كالطاووس...ولا تحية عسكرية مع صوت بسطار يضرب الارض إجلالا له...
سار في الطريق شاردا ، يقاوم حسرات نفسه التي تغلي بصدره كمرجل قطار...
كان عليه أن يستقل سيارة أجرة ليصل حيث يريد...
أشار لعدة سيارت ، فلم يعره أحد اهتماما ، لتتوقف أخيرا سيارة صفراء مهترئة ، بسائق يوحي منظره أنه لم يستحم منذ شهر أو يزيد.....
كان عليه أن يتحمل ثرثرة ذاك السائق طول الطريق بينما هو غارق في تفكيره ... صورة الأمس القريب لم تغادر مخيلته يوم كان في مجده و عزه....
كيف لي بين ليلة وضحاها أن أخسر كل هالتي وفخامتي؟؟ كيف أعود مواطنا عاديا ؟؟؟ كيف علي أن أتحمل هذا السائق الأجرب؟؟؟
بين تلك التساؤلات...غامت الرؤيا أمامه ...أحس ببرودة غريبة تسري في أطرافه...
وصلت سيارة الأجرة ، والسائق مازال في ثرثرته عن أعطال السيارة اللعينة ، وابنه الذي يعاني من التبول الليلي... بينما في المعقد الخلفي..... يقبع جسد بارد لرجل مدني ميت.....
مازن جبان...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق