لماذا يخيب الظنُّ بالآخرين ؟
تساؤل
بقلم الدكتور محمد القصاص
خيبة الظنّ لدى كثير البعض قضية نسبية لا يمكن أن تتساوى في كافة حالاتها ، إذ أن تلك النسب تعلو وتهبط بحسب المعايير التي تسود حياة الإنسان في برهة زمنية محددة ، وبحسب الأوضاع المختلفة التي تكون مصاحبة لتلك البرهة .
نعلم بأن ثقافات البشر مختلفة من إنسان إلى آخر ، ومن مكان إلى أخر ، حتى على مستوى المجتمع الواحد والبيئة السكانية الواحدة ، والسبب هو أن الظروف الحياتية للأفراد تختلف من إنسان إلى آخر ، وكذلك الظروف الثقافية والاقتصادية والصحية والتربوية والاجتماعية والبيئية ، وظروف أخرى كثيرة ليس لها حصرا ..
لكن الأسف والألم الكبير الذي يصاحب بعض خيبات الظنِّ ، هو أنها تجيء من أعز الأصدقاء والأصحاب ، وربما الأخوة والأبناء والأقارب ، مثل هذه الخيبات ، تترك أثرها السيء في نفوس الكثير من الضحايا إن جاز هذا التعبير .
مراتٌ عدة أقولها وبكل صراحة ، أصبت بخيبات الظن ببعض المقربين ، والأصدقاء الذين كنت قد وضعت ثقتي بهم ، إذ أن البعض منهم ، قصدني في أمور كثيرة صعبة للغاية ، إلا أنني بفضل من الله ، قمت بواجبي تجاههم وقدمت كل ما أستطيع من أجل حلِّ مشاكلهم ، ولم أدخر من جهدي ولا من فكري ولا من رغبتي أي شيء ، من أجل الوصول إلى المبتغى .
لا أدر كيف تمرُّ الأيام ، نعم أياما قليلة لتنكشف حقيقة الإنسان وصورته البشعة ، ويظهر على فطرته الآدمية الشريرة المخادعة ، التي لا تمت بأي شكل من الأشكال إلى الصورة الطاهرة النقية التي تقمصها خلال طلبه للمساعدة .
وتنقلب كل تلك الصور الجميلة التي كانت فجأةً ، لتبرز حقيقة بشاعة الوجه الآخر لذلك الإنسان ، وعندها أقف حائرا متسمرا متسائلا : كيف لي أن أتقبل تلك الصور البشعة ، وكيف لي أن أسامح ؟.
أليس من الغباء أن تسامح من أساء إليك جهارا نهارا بعد إذ أكرمته وأحسنت إليه طويلا وسنوات عديدة ؟ .
سيقول لي البعض : إن من حسن الخلق أن تعفو عمن ظلمك ، وأن تغفر زلة أخيك ، وإن تلتمس لأخيك ولوس سبعين عذرا .
كيف لي ولغيري أن يفعل كل هذا مع أناس لا يتورعون ولا يتوبون عن مزاولة أعمالهم المشينة ، ولا يهمهم النصح ولا التسامح ولا الصبر ؟
أسامح كثيرا ، وأعفو عن كثير ، ولكن إلى متى ، ماذا أعمل وأنا بآدميتي ؟ ، وماذا أعمل بنفسي البشرية التي لا تطيق عبثية الآخرين ؟ أأصبــــــــــــــــــــر ؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق