الأربعاء، 3 مايو 2017

مجرد رقم .. بقلم المبدع // محمود مسعود

مجرد رقم ...........!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذات صباح كان يجلس علي كرسيه في شرفة منزله بعد أن تناول طعام إفطاره يحتسي فنجان قهوته الصباحية ، كان يرقب حركة المارة أمامه والسيارات بأشكالها المختلفة وطرازاتها المتعددة ، كل شيء كان كالمعتاد ، والناس تسير في الشارع كأن علي رؤوسهم الطير مسلوبو الإرادة بلا هدف ،كان هذا الشعور الذي تولد لديه منذ الوهلة الأولي ، هم بارتشاف رشفة من فنجان القهوة بعد أن نفث دخان السيجارة التي ترقد بين أصابعه عقب أخذ نفسا عميقا منها ، وما أن انتهي من أخذ رشفته حتى انقلبت الدنيا رأسا علي عقب ، وصوت صم أذناه حتى لم يعد يسمع من حوله وكأنه في عالم آخر ، ماذا حدث ؟؟ كان هذا السؤال يلح في ذهنه الذي كان مستيقظا ولكنه عاجز جسديا عن الحراك أو الحديث ، انه مدرك لكل من حوله ولكنه يعجز عن الكلام ، تنامت إلي مسامعه كلمات كالهمس من أعماق بعيدة ومن أشخاص يتراؤن له في صور مهزوزة وباهتة ، ومن حين لآخر يهاجمه طنين قوي يشوشر علي إدراكه فيستسلم له ومعبرا عنه بأنين صامت لا يسمعه غيره ، حاول جاهدا أن يفسر ذالك السجن الذي يقيد حركته ،لكنه قوبل بألم فظيع ، كان سقف الحجرة التي لا يعلم ما هي هو الشيء الوحيد الواضح أما ناظريه ، وتلك الأصوات المتداخلة التي تظهر كل فترة ثم تختفي ، يارب أين أنا ؟؟ وهل أنا في حلم سيء أم قد واروني الثري بعد موتي وقد عادت لي الحياة عقب انصراف أهلي وهم يجهلون ذلك ؟؟ كابوس فظيع طال أمده وقد بدأ ينقشع رويدا رويدا ، أيام من العذاب الصامت بدأت تتلاشي، وأعقبها ظهور الحقائق وانجلاؤها ، حينما كان يجلس في شرفة منزله في الطابق الثاني من العمارة المنكوبة ، وتلك الشقة المميزة بالزهور واللون الأخضر وقع انفجار هائل أدي إلي إتلاف ودمارا هائلا للمحلات والسيارات وحتى الناس أصابهم ما أصابهم بين قتيل وجريح ، ولسوء حظه كان متواجدا بشرفته وأصيب إصابات بالغة من شظايا ذالك التفجير أدت إلي فقدانه الوعي ولم يسترده إلا منذ أيام قليلة ، وقد أكتشف أنه يرقد في الجبس الذي يحيط جسده كاملا ولذلك كان مقيد الحركة ، وتوافد عليه المحققون ليستجوبوه بعد أن استرد وعيه ، قال كنت أرعي نباتاتي وطيوري ولم أنتبه لشيء غير أني في لحظة غبت عن العالم ولا أدري حتى اللحظة ، ماسبب ما ألم بي ، فأخبره المحقق : أن ماتعرض له هو هجوم إرهابي غادر ولم يكن هو المقصود وحده ، كان المقصود عدد كبير من الضحايا والذين يصادف سوء حظهم التواجد بهذا الشارع ، كان الحادث محل اهتمام كبير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية ، وأبرزت في تحقيقاتها المصورة الصور البشعة لمخلفات الانفجار ، نباتات ملقاة في قارعة الطريق ، وقفص به أشلاء طائر قد فتكت به موجة الانفجار الشديد ،وكان صاحبنا مجرد رقم من أرقام الضحايا المصابين ، سرعان ماتناسي موضوعه كغيره من الموضوعات. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / محمود مسعود ( قصة قصيرة ) 3/5/2017م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق