الأربعاء، 25 أكتوبر 2017

الكليراء العلة المعضلة . بقلم المبدع // عبدالمجيد محمد باعباد


((الكليراء العلة المعضلة))
تمرستُ في الآفاتِ حتى تركتها.....تقولُ أمات الموت ام ذعر الذعرُ.صاحب البيت((المتنبي))
قد تنسمت بارقة العافية ،وشممت رائحة الصحة . وأقبل صنع الله من حيث لم أرتقب ، وجاءني لطفه من حيث لم أحتسب ،وتدرجت إلى الإبلال وقد حسبته حلما ،ورضيت به دون الاستقلال غنما .وقد وطأتُ شط العافية،وصافحت كف العاقبة،واستقبلتُ وفد السلامة،فدعوني أخبركم عما جرى لي من ملمة، 
داهمتني الكليراء ،أقعدتني أسيرا،عصرتني عصيرا،أذاقتني أمرا،وجرعتني مرا،وشربتني خمرا،وسكرت بي سكرا،ولم تكتفي بل باشرتني بالأساهل،ونزعت مني السوائل،وامتصت أملاحي،وأشعلت جراحي،وأخرجت وشاحي،وزادت أوجاعي،وعجنت أمعائي،وجعلت أعضائي مرابعها ،وآلت على أن تصير جوارحي مراتعها،علة فحلقتني روعة،وملكتني لوعة .وحلبتني بسرعة،وبرتني بر الأخلة ،وأنقصتني نقص الأهلة،تركتني حرضاً ، وأوسعتني مرضاً,منعت مني جناب الأنس ،وأرتني الظلمة في مطلع الشمس،حتى تحامل علي سواء صدري ، وأقذى سواد طرفي .واستنفذ القلق لعلتي،ونفذ الصبر من ذخيرتي ،وأضعف ما قواه الجسم من بصيرتي،.لأني كنتُ مسالما،فاستباحتني ألما،وجرعتني علقما،وغشتني سقما حتى رأيتُ الأفق مظلما ،وطريق العيش مبهما .
وكنتُ أتقلب على جنبات الفراش إلى أن أعرف انكشاف سوائلي وزواله،وأتحقق انحساره وانتقاله،فصبرتُ على تلك الحالة،بعد أمراض اكتنفت ،وأسقام اختلفت أنها الكليراء قد كرت هذه العلة فعادت عللا ،وأصبحت وباءاً مزبلا,وداءا معضلا،ومرضاً معديا،هي من أكثر ما رأينا هذه الأيام جلت ثم جلت ، وتوالت ثم إستولت . فأنا أشكوها الى الله وأشكره إذ جعلها عظة وتذكيرا ، ولم يبق منها حتى الآن إلا يسيرا .ربما يشفى من أشفى ،وحسبنا الله وكفى . .والحمد لله الذي جعل العافية عقبى ما تشكيت والسلامة عوضاً مما عانيت،،الأديب عبدالمجيد محمد باعباد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق